الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

فرويد و خضوع الأنا

خضوع الأنا عند فرويد


 استخلاصات الفصل الخامس من كتاب الانا و الهو

تتكون الأنا من التقمصات التي تحل محل الشحنات النفسية التي كانت تصدر عن الهُو والتي قد توقفت بعد ذلك. وتتصرف هذه التقمصات باعتبارها منظمة خاصة في الأنا وهي تتميز عن بقية الأنا بأن تتخذ صورة الأنا الأعلى بينما يصبح الأنا فيما بعد حينما ينمو وتشتد قوته اقدر على مقاومة تأثيرات مثل هذه التقمصات ويرجع الفضل إلى المكانة الخاصة التي يحتلها الأنا الأعلى في الأنا إلى عامل يجب إن ننظر إليه من جهتين:
الجهة الأولى: لقد كان الأنا الأعلى أول تقمص، وحدث في وقت كان الأنا فيه ضعيفاً،ومن الجهة الثانية: لقد كان الأنا الأعلى وريث عقدة أوديب وقد ضم إلى الأنا أخطر الموضوعات شأناً وعلاقة الأنا الأعلى بالتغيرات التي تقع في الانا تشبه تقريباً علاقة المرحلة الجنسية الأولى في أيام الطفولة بمرحلة النشاط الجنسي المتأخر بعد البلوغ ومع أن الأنا الأعلى يكون عرضة لكل تأثير يقع عليه إلا أنه يستمر طوال حياته يحتفظ بالخلق الذي اكتسبه عن نشأته عن عقدة الأب أي قدرته على الاستقلال عن الأنا وعلى التحكم فيه فالأنا الأعلى عبارة عن ذكرى فترة الضعف والاعتماد اللتين مر بهما الانا سابقاً وإن الانا الناضج ليستمر يخضع أيضاً لسلطته.
إن نشأة الأنا الأعلى عن الشحنات النفسية الأولى التي كانت تنبعث عن الهُو نحو الموضوعات أي عن عقدة أوديب ترتبط بالمكتسبات التي ورثها الهُو أثناء نشوء النوع كما تجعله عبارة عن بعث للتطورات التي طرأت على الانا فيما سبق والتي خلفت لها رواسب في الهُو وعلى ذلك فالأنا الأعلى على اتصال وثيق دائماً بالهُو كما انه يقوم بتمثيله في الانا وهو يتصل بأعماق الهُو ولهذا السبب هو ابعد عن الشعور من الانا.
يوجد بعض الأشخاص الذين يتصرفون أثناء التحليل بطريقة غريبة فإذا تكلم إليهم احد متفائلاً بتقدم العلاج أخذوا يظهرون علامات الاستياء وأخذت حالتهم تزداد سوءاً عن السابق.
قد يعتبر الإنسان ذلك لإول وهلة كأنه تحدٍّ ومحاولة لإثبات تفوقهم على الطبيب وبعد ذلك يقتنع بأن هؤلاء الأشخاص يقوم بمقاومة الشفاء ويخشى تقدمه كأنه شيء خطير ونحن معتادون على القول بأن الحاجة إلى المرض قد تفوقت عند هؤلاء الأشخاص على الرغبة في الصحة فإذا حللنا المقاومة واستبعدنا منها اتجاه التحدي الموجه ضد الطبيب والتشبث بأنواع الفوائد المختلفة للمرض لوجدنا الجزء الأعظم من هذه المقاومة لا يزال باقياً وان هذه المقاومة هي أقوى العقبات جميعها في سبيل الشفاء وهي أيضاً أقوى من مثل هذه العقبات المألوفة كحالة النرجسية التي يصعب علاجها والاتجاه السلبي نحو الطبيب والتشبث بفوائد المرض.
ويتضح لنا بالنهاية أننا بصدد شيء نسميه عاملاً (خلقياً) أي إحساساً بالذنب يجد في المرض نوعاً من التفكير ويرفض أن يكف عن تحمل عقاب الآلام وينطبق الوصف الذي ذكرناه على الحالات المتطرفة من هذا النوع وربما في جميع حالات العُصّاب الشديد وفي الواقع ربما يكون هذا العنصر بالذات وهو اتجاه الانا المثالي هو الذي يحدد شدة المرض العصابي.
الإحساس الشعوري السوي بالذنب يرجع إلى التوتر بين الانا والانا المثالي وهو عبارة عن حكم بإدانة الانا يصدر عن وظيفة الانا النقدية ويظهر الإحساس بالذنب واضحاً جداً في الشعور في مرضين معروفين وهما العُصّاب القهري والمالنخوليا ويبدي الانا المثالي في هذين المرضين شدة خاصة وكثيراً ما يثور ضد الانا في قسوة متناهية .
يظهر الإحساس بالذنب واضحاً جداً في صور معينة من العُصّاب القهري ولكنه لا يستطيع أن يبرر نفسه لدى الانا وينتج عن ذلك أن يثور أنا المريض ضد هذا الاتهام بالذنب ويطلب مساعدة الطبيب لنفي هذا الاتهام لان الاستسلام لا يؤدي النتيجة ويبين التحليل ان الانا الأعلى كان خاضعاً لتأثير بعض العمليات التي ظلت مختفية عن الانا ومن الممكن اكتشاف الرغبات المكبوتة التي تسبب الإحساس بالذنب في الحقيقة وهكذا فإن الانا الأعلى يعرف عن الهُو اللاشعوري أكثر مما يعرف الانا.
وفكرة أن الانا الأعلى قد يسيطر على الشعور لتبدو بشكل أكثر وضوحاً في المالنخوليا غير أن الانا لا يجرؤ في هذه الحالة على إبداء أي اعتراض فهو يسلم بالذنب ويستسلم للعقاب فالدوافع التي تستحق اللوم والتي ينتقدها الانا الأعلى لم تصبح أبدا جزءاً من الانا في حالة العُصّاب القهري أما في المالنخوليا فقد أصبح الذي يسخط عليه الانا الأعلى جزءاً من الانا عن طريق التقمص.
وهناك حالات أخرى فالهستيريا ( وهو مرض نفسي يتحول الصراع النفسي إلى صورة اضطرا بات فسيولوجية وحركية وسيكولوجية دون ان تكون هناك علل عضوية يمكن أن تسبب هذه الاضطرابات) فالانا ذو النزعة الهستيرية يقوم بوقاية نفسه من شحنة نفسية لا يطيق احتمالها تكون متعلقة بعملية كبت ولذلك فالأنا هو المسؤول عن بقاء الإحساس بالذنب لا شعورياً ونحن نعلم ان الانا يقوم بالعادة بتنفيذ عمليات الكبت في خدمة الانا الأعلى وبأمره ولكن هنا قام الانا بتوجيه نفس السلاح ضد رئيسه القاسي وفي العُصّاب القهري تسود ظواهر تكوين رد الفعل أما هنا فيكتفي الانا بإبقاء المادة التي يتعلق بها الإحساس بالذنب بعيدة عنه.
وقد نذهب ابعد من ذلك ونفترض ضرورة بقاء جزء كبير من الإحساس بالذنب لا شعورياً في العادة وذلك لان نشأة الضمير تتصل اتصالاً وثيقاً بعقدة أوديب التي تنتمي إلى اللا شعور فإن هذه القضية المتناقضة وهي أن الإنسان السوي ليس فقط أكثر فجراً مما يعتقد وإنما هو أيضاً أكثر خُلُقاً مما يظن فإن القضية المتناقضة في الظاهر فقط فهي تقرر ان للطبيعة الإنسانية قدرة عظيمة لكل من الخير والشر ،أعظم كثيراً مما يظن الإنسان أي أعظم مما يفطن إليه الإنسان عن طريق إدراكات الانا الشعورية.
وإن اشتداد هذا الإحساس اللاشعوري بالذنب قد يجعل الناس مجرمين فقد اكتشفنا عند كثير من المجرمين (خاصة الشباب منهم) إحساس قوي بالذنب كان موجوداً قبل الجريمة وهو لذلك ليس ناتجاً عنها وإنما الدافع لها وكأن هؤلاء الشبان يجدون شيئاً من الراحة إن تمكنوا من ربط هذا الإحساس اللاشعوري بالذنب بشيء واقعي ومباشر.
وتقوم الانا الأعلى في جميع هذه الحالات بإظهار استقلاله عن الانا اللاشعوري وبإظهار دقة صلاته بالهُو اللاشعوري ان الانا الأعلى يتكون من الادراكات الحسية السمعية شأنه في ذلك شأن الانا فهو جزء من الانا وهو يظل قادراً على النفاذ إلى الشعور بسهولة عن طريق الصور اللفظية (المفاهيم و الأفكار المجردة) ولكن الطاقة الانفعالية لا تصل هذه العناصر التي تكوّن مضمون الانا الأعلى عن طريق الادراكات الحسية السمعية والأوامر والقراءة وإنما تنشأ عن مصادر موجودة في الهُو .
كيف يتسنى للانا الأعلى أن يظهر بالذات في صورة إحساس بالذنب لان بالذنب لان الإحساس بالذنب عبارة عن حدوث إدراك حسي في الانا استجابة لهذا النقد ثم يقوم في نفس الوقت بإظهار مثل هذه القسوة والشدة الخارقتين للعادة نحو الانا؟ إن نظرنا الى المالنخوليا لوجدنا الانا الأعلى ذا البأس و المهيمن على الشعور يثور ضد الانا كأنه استحوذ على جميع السَّادية الموجودة في الشخص فإن الجزء الهدام في الغريزة قد استحكم في الانا الأعلى واخذ يتجه ضد الانا وقد أصبح نفوذ غريزة الموت هو السائد الآن في الانا الأعلى وغالباً ما تنجح هذه الغريزة في دفع الانا نحو الموت إذا لم يقم الانا بوقاية نفسه في الوقت المناسب وبالتحول إلى الهوس ويتميز الهوس بحالة من زيادة النشاط والمبالغة في وظائف ثلاث هي:
*التفكير:فينتقل المريض بشكل سريع من فكرة إلى فكرة ولا يركز في موضوع معين ويتخيل العظمة والكمال .
*الشعور الوجداني:المغالاة في الشعور بالصحة الجيدة والسعادة والفرح وحب المرح والفكاهة وقد ينقلب إلى غضب شديد إن شعر بالإساءة.
*الحركة: نشاط بدني زائد عن الحد وفي حركة مستمرة لا تنقطع وفي سرعة الانتقال من عمل الى آخر.
أما الشخص المصاب بالعُصّاب القهري على عكس المصاب بالمالنخوليا فهو لا يقدم أبداً على إبادة نفسه ويبدو كأن عنده مناعة ضد خطر الانتحار وان ما يضمن سلامة الانا هو الاحتفاظ بموضوع الحب فتتحول دوافع الحب إلى عدوانية متجهة ضد الموضوع وذلك بالنكوص إلى التنظيم السابق للمرحلة التناسلية وهنا تتحرر غريزة الهدم ويصبح غرضها وهدفها إبادة الموضوع ولا يقبل الانا هذه النزعات بل يكافح ضدها بما يقوم به من تكوينات رد الفعل و الإجراءات الوقائية فتظل هذه النزعات باقية في الهُو ويتصرف الانا الأعلى كأن الانا هو المسؤول عن هذه النزعات وهو باهتمامه في مغالبة نزعات الهدم فهو يبين أنها ليست مجرد شيء ظاهري سببه النكوص وإنما هو إبدال الكره بالحب.
ولما كان الانا عاجز في كل من هاتين الناحيتين فهو يقوم بالدفاع عن نفسه دون جدوى سواء ضد تحريض الهُو القاتل أو ضد تأنيب الضمير الذي يتولى القصاص وينجح على الأقل بإيقاف أشد الأعمال وحشية من كلا الجانبين وأول ما ينتج عن ذلك هو تعذيب النفس بصفة مستمرة ثم تعذيب منظم للموضوع إذا كان قريباً .
يتم التصرف في نشاط غرائز الموت الخطيرة الموجودة داخل الفرد بطرق مختلفة : فهي تجعل من جهة غير مضرة وذلك بمزجها بالعناصر الجنسية وهي توجه من جهة أخرى نحو العالم الخارجي في صورة عدوان ولكنها في الغالب تستمر قي عملها الداخلي دون أن يعوقها عائق .
فكيف يمكن إذن أن يصبح الانا الأعلى في المالنخوليا بمثابة تجمع لغرائز الموت؟
إن المعيار الذي يضعه الانا الأعلى إنما هو الدافع لقمع العدوان فكلما اشتد الشخص في ضبط عدوانه كانت ميول الانا الأعلى العدوانية التي توجه ضد أنا هذا الشخص أكثر شدة ويبدو ذلك كأنه إبدال أي تحول ضد أنا الشخص نفسه غير أن الأخلاق العادية العامة تتصف بالشدة فيما تفرضه من قيود ،وبالقسوة فيما تضعه من نواة ومن هنا ينشأ في الحقيقة تصور وجود كائن سام شديد المراس يقوم بالقصاص.
فالأنا الأعلى ينشأ كما نعلم من تقمص شخصية الأب باعتباره مثالاً وكل تقمص من هذا النوع هو بمثابة تجرد من الغريزة الجنسية وبمثابة إعلاء للغريزة أيضاً وحينما يحدث تحول من هذا النوع يحدث في نفس الوقت انفصال في الغرائز بعد الإعلاء لا يصبح للجزء الجنسي من الغريزة القدرة على ضم كل الجزء الهدام الذي كان منضماً إليه من قبل فينطلق هذا الجزء في صورة ميل نحو العدوان والهدم ويصبح هذا الانفصال في الغرائز هو السبب في ذلك الخُلق العام الذي يتسم بالخشونة والقسوة اللتين يُبديهما الانا المثالي أي هذه الأوامر الدكتاتورية التي يصدرها وهي ((يجب عليك........)).
وهنا سنتناول العُصّاب القهري مرة أخرى فإن تحول الحب إلى عداء لم يتم على يد الانا ولكنه كان نتيجة نكوص حدث في الهُو غير أن هذه العملية قد تجاوزت الهُو وامتدت إلى الانا الأعلى الذي اخذ حينئذ يشتد في استبداده بالانا البريء. فما يحدث فما يحدث بهذه الحالة يشبه ما يحدث بالمالنخوليا وهو أن الانا الأعلى الذي كان متحداً من قبل بالليبدو.
فهنا توضح لنا دور الانا فهو يقوم بفضل علاقته بجهاز الإدراك الحسي بتنظيم عمليات العقل في ترتيب زمني وباختيار مقابلتها للواقع وهو يقوم بفضل إدخال عملية التفكير بتأخير حدوث الحركة ويقوم بالتحكم في منافذها وهي أمر يتعلق بالشكل أكثر مما يتعلق بالواقع فموقف الانا فيما يتعلق بالحركة يشبه موقف الملك الدستوري الذي لا يمكن ان يمر أي قانون بدون تصديقه عليه ولكنه مع ذلك يتردد كثيراً من ان يلغي أي قانون يضعه البرلمان وتقوم جميع خبرات الحياة التي تصدر من الخارج بزيادة ثروة الانا أما الهُو فعالم خارجي آخر بالنسبة الى الانا وهو يسعى لكي يخضعه لسلطته .
وهناك مسلكين يمكن أن تنفذ منهما محتويات الهُو إلى الانا واحد هذين المسلكين مباشر أما الآخر فيمر عن طريق الانا المثالي وللمسلك الذي تتخذه محتويات الهُو من بين هذين المسلكين أهمية حاسمة بالنسبة إلى بعض أوجه النشاط العقلي وينشأ الانا من إدراك الغرائز ومن التحكم فيها ومن اطاعة الغرائز ومن قمعها ويتم ذلك على يد الانا المثالي الذي هو عبارة عن تكوين رد فعل بصورة جزئية ضد العمليات الغريزية في الهُو والتحليل النفسي عبارة عن وسيلة تمكن الانا من زيادة سيطرته على الهُو .
فالأنا مخلوق ضعيف يقوم بخدمة أسياد ثلاثة وهو مهدد بأخطار مختلفة : من العالم الخارجي ومن ليبدو الهُو ومن قسوة الانا الأعلى .
فإن الانا يحاول ان يتوسط بين العالم وبين الهُو وأن يجعل الهُو يسلم بمقتضيات العالم وان يقوم بوساطة النشاط العقلي بتعديل العالم لملاءمة رغبات الهُو وهو ليس فقط حليف للهو بل أيضاً عبد مستسلم يطلب حب سيده ويحاول أن يظل على صلة جيدة بالهُو دائماً.
وهو يدعي أن الهُو يقاوم بإظهار طاعته لأوامر الواقع حتى لو ظل في الحقيقة عنيد لا يتزعزع عن رأيه ويقوم بإخفاء صراعاته مع الانا الأعلى وان مكانه في وضع متوسط بين الهُو والواقع يغريه في أغلب الأوقات لكي يصبح منافقاً ونهازاً للفرص وكاذباً.
فما يقوم الانا به من تقمص وإعلاء إنما يساعد غرائز الموت في الهُو على التغلب على الليبدو ولكنه يعرض نفسه لان يصبح هدفاً لغرائز الموت والهلاك ولكي يكون الانا مفيد فإنه يَمتلىء بالليبدو فيصبح الانا ممثلاً لإيروس فيرغب في أن يَحيى ويكون محبوب.
إن الانا هو موطن القلق فعندما يشعر بالخطر يبدأ يتعلم الهرب كرد فعل منعكس وهو يفعل ذلك بسحب شحنته النفسية من إدراك الشيء الذي يهدده أو من العملية المخيفة التي تجري في الهُو ثم يقوم بإطلاق هذه الشحنة النفسية في صورة قلق.
إن وراء خوف الأنا من الأنا الأعلى أي (الضمير) فإن ذلك الكائن السامي الذي أصبح الانا المثالي قد قام ذات مرة بتهديد الانا بالخصاء وإن الخوف من الخصاء هو النواة التي تجمع حولها فيما بعد ذلك الخوف من الضمير.
(كل خوف هو في النهاية خوف من الموت) عبارة لا معنى لها بل يجب أن نميز بين الخوف من الموت وبين كل من الخوف من شيء خارجي (القلق الموضوعي) والقلق الجنسي العصابي ( وهو خوف من خطر غريزي داخلي) فيبدو أن حيلة الخوف من الموت هي عبارة عن تخلي الانا بدرجة كبيرة عن شحنته الليبدية النرجسية أي عبارة عن تخلي الانا عن نفسه كما يقوم بالتخلي عن بعض الموضوعات الخارجية في الحالات الأخرى التي يشعر فيها بالقلق.
إن الخوف من الموت يظهر في حالتين : كرد فعل لخطر خارجي أو كعملية داخلية كما في المالنخوليا ففي المالنخوليا أن الانا يقوم بتسلي نفسه لأنه يشعر بأنه مكروه ومضطهد من الانا الأعلى بدل أن يكون محبوباً ومعنى الحياة عند الانا أن يكون محبوباً.ويقوم الانا الأعلى بوظيفة الوقاية والحفظ وهي نفس الوظيفة التي يقوم بها الأب في الأيام الأولى .
ولكن عندما يجد الانا نفسه في خطر لا يستطيع التغلب عليه فيأخذ يستسلم للموت .
إن الأهمية الكبيرة التي تنسب للإحساس بالذنب في الأمراض العُصّابية تجعلنا ندرك أن القلق العُصّابي العادي يتدعم في الحالات الشديدة بنشوء القلق بين الانا والانا الأعلى (الخوف من الخصاء ، الخوف من الضمير ، الخوف من الموت). وليس للهو الذي نعود إليه أخيرا أية وسيلة يظهر فيها الحب أو الكره للأنا فإنه مقسم الإرادة فإيروس وغريزة الموت يتصارعان في داخله وقد رأينا الأسلحة التي تستخدمها إحدى هاتين المجموعتين من الغرائز في الدفاع عن نفسها ضد المجموعة الأخرى ومن الممكن أن نصور الهُو كأنه خاضع لسيطرة غرائز الموت الصامتة والقوية في نفس الوقت تلك الغرائز التي تود أن تكون في سلام وأن تدع إيروس الدخيل يستريح (كما يطلب مبدأ اللذة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

المساهمون

Powered By Blogger